الاثنين، 25 أغسطس 2008

و على الله فليتوكل المؤمنون !! ( قصة رواها الأستاذ عمرو خالد ، و صغتها بأسلوب أدبي )

وعلى الله فليتوكل المؤمنون
يحكى أن أسرة فقيرة كانت تسكن في إحدى الضواحي . و كانت هذه الأسرة تعيش في فقر مدقع ، استحال معه العيش . كما أن جميع الأبواب أوصدت في في وجه رب الأسرة المسكين ، فلا عمل ، أو حرفة ، أو صنعة يقتات لقمة عيشه منها . و في أحد الايام علم بحال هذه الأسرة أحد الأثرياء الجشعين ، فقرر استغلال شدة عوزها و قلة حيلتها . فأرسل في طلب رب الأسرة ، و سأله أن يشهد في المحكمة لصالحه ضد أحد خصومه مقابل مبلغ سخي من المال . و كان للرجل الفقير جار يعلمسريرة نفس ذاك الثري فأخبر جاره الفقير هذا أن الثري إنما هو رجل ماكر ، و خبيث ، احتال على أحدهم ، فرفع الخصم أمره إلى القضاء ، فما كان من الثري إلا أن لجأ إلى تلك الحيلة الخبيثة ليتخلص من ذلك الخصم .
و عندما تبين الفقير حقيقة الأمر ، رفض عرض الثري على الفور . وقرر الرجل الفقير أن يسافر إلى المدينة ، ويبحث عن عمل يتكسب منه ، ويعول أسرته الصغيرة .و خرج الرجل في اليوم التالي متجها إلى المدينة ، تاركا و راءه زوجته الثكلى و ابنه الرضيع . وعاشت الزوجة أيامها رتيبة مملة . و كان أكثر ما تتمسك به هو الأمل في رحمة الله ، فقد وسعت رحمته كل شئ ، أفلا تسعها هي وابنها الرضيع ذي الاشهر الثلاثة ؟! ومرت الشهور تلو الشهور ، وفي أحد الليالي استيقظت الأم مفزوعة على تأوهات طفلها الصغير ، فإذا به قد أصابته حمى شديدة ، فأسقط في يد المرأة المسكينة ، وما درت ما تفعل . فحملت الصغير بين يديها ، و أخذت تهدهده حتى ينام ، و تقرأ ما تيسر لها من آى القرأن لعل الله يفرج كربها وما ذلك على الله بعزيز ، و استحضرت الأم قول الله تعالى في سورة الطلاق : " ومن يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب " . و بينما هي على هذه الحال ، إذ بأحدهم يدق الباب ، فأوجست المرأة خيفة ، ثم اتجهت نحو الباب و فتحته ، و قلبها يمتلئ خوفا و رعبا ، و إذا بها برجل تبدو عليه سيماء الوقار و الهيبة ، يقول لها في هدوء : " آسف على التأخير " ، ثم أخذ يتلفت بناظريه في أرجاء المنزل ، و سأل الأم : " عفوا سيدتي .... أين المريض ؟ " في الواقع كان الموقف كفيلا بجعـل الأم تتسمـر في مكانها وقد أصابها ذهول تـام ، واكتفت بالإشارة إلى مكان طفلها . وأثناء معالجة الطبيب للرضيع ، أخذت المرأة تحمد الله و تشكره ، ظنا منها أن هذا الطبيب ما هو إلا ملاك هبط عليها من السماء ، لينقذها وابنها من ورطتها تلـك . و عندما انتهى الطبيب من فحص الطفل ، التفت نحو السيدة قائلا : " سيكون الضغير بخير و عافية إن شاء الله ، و لكن خافظي على إعطاءه هذا الدواء مرة كل يوم . ثم أردف : " ثمن العلاج و الدواء ثلاثون جنيها فحسب " . فصكت المرأة وجهها في صرة ، و قالت : " أواه ... من أين لي بالمال ، و أنا امرأة فقيرة ؟! فسألها الطبيب متعجبا : " لماذا استدعيتني إذا ؟ " فأجابت في حيرة : " صدقني ، لم أفعل ! فقال الطبيب ك " عجبا ، أليست هذه الشقة رقم "5" ؟ أجابت : بل "6" ، فما كان من الطبيب إلا أن ابتسم ابتسامة عريضة قائلا : " و الله إنه لرزق ساقه الله إليك ، أيتها السيدة ، فاحمدي الله و اشكريه ، و صدق الله تعالى إذقال في كتابه العزيز :" و كأين من دابة لا تحمل رزقها نحن نرزقها و إياكم و هو السميع العليم " . (الآية : 60)
و قال الشاعر " الأبشيهي العباسي " :
توكل على الرحمن في الأمر كله
فما خاب حقا من عليه توكـلا
وكن واثقا بالله واصبر لحكـمـه
تفز بالذي ترجوه منه تفضـلا

0 التعليقات: